زمان ، وانا صغير...
زمان ، أيام ما كنت بحب اسافر البلد مع امي و ابويا، و ايام ما كانت الكنبة الخلفية
بتستوعب طولي ، و أيام ما كان عندي البال الرايق لإني انام عليها و اتفرج
عـ الدنيا
من ورا الشباك و هيا بتجري مننا ،
و الشمس و هيابتجري ورانا بإصرار غريب ،
مكنتش بسأل نفسي ازاي الدبان بيطير جوا العربية رغم السرعة اللي ماشيين بيها
، و مكنتش بسأل نفسي ليه صوت المحرك بيخليني انام بعمق واحلم كمان ، كنت
عارف بس اني بحب الجو ده و خلاص ، كنت عارف انه رغم السرعة الل يماشيين
بيها لكن مطمن و واثق ان ابويا مش هايلبس بينا ف عمود أو يقع بينا في الترعة
ولو حصلت حاجة من دي هكون نايم و مش هحس بحاجة...
كنت عارف بس الحاجات اللي محتاج اعرفها عشان اطمن وبالي يرتاح ، و أي
حاجة تانية مش مهم...
زمان ، وانا مش صغير...
لكن طبعا ، بمرور الوقت تراجع ترتيب الترابط العائلي في قايمة أولوياتي ،
أساسا انا من زمان عندي مشكلة ف تحديد هوية قرايبنا ،
أساسا انا من زمان عندي مشكلة ف تحديد هوية قرايبنا ،
ولو شفت ابن عمي ممكن افتكره ابن خالتي
أو ابن بنت خالي أو أيا كان ، ناهيك عن نسيان الأسامي و الوجوه ... القصد
ان زياراتي للبلد قلت كتير ، ده غير ان الكنبة الخلفية مبقتش تساعني لا نوم ولا
حتي جلوس ، كبرت و كبرت معايا مخاوفي و تساؤلاتي، انا دايما بقول ان الخوف
بيكبر و بيتطور معانا لصورة أنضج تلائم المرحلة العمرية اللي بنعيشها ، لكن في
النهاية بتفضل جذوره نابعة من الطفل الصغير اللي جوانا ...
دلوقت...
الجهل ساعات كتير بيكون له سحر جميل ، الجهل بالأسباب ، ساعات بحس ان لو
مكناش عرفنا الحقيقة العلمية للظواهر الطبيعية كان تفضلت محتفظة بسحرها ف
نظرنا...
لكن للأسف مؤخرا انشغلت بالسعي ورا الإجابات ، لدرجة اني بدأت اخاف ان
الإجابات تنتهي رغم يقيني انها لا يمكن تنتهي...
عرفت ان الدبانة لا يمكن كانت تطير في العربية لومكانتش السرعة ثابتة ، نفس
السبب اللي بيخلي كل شئ جوا الطيارة مستقر طالما السرعة ثابتة...
نفس السبب اللي بيخليني انام علي صوت المحرك ، و صوت الباجور ، و صوت
الغسالة ف برنامج العصر ، و صوت القطر ، و أي حاجة مزعجة بس المهم ان
الإيقاع ثابت ، و السرعة ثابتة... لازم السرعة تفضل ثابتة ، لازم... و إلا كل حاجة
هاتطير من مكانها... و رغم انزعاجي وقت الثورة من الناس بتوع "خربتواالبلد"
بس كنت متفهم وجهة نظرهم ، الناس دي مش بتفتقد الفساد ولا حاجة ،الناس دي
بتفتقد الثبات ، الاستقرار ، أيا كانت الحالة اللي كانت عليها حياتهم بس الاستقرار
بالنسبالهم كان شئ مطمئن ، الفساد بالنسبالهم كان صوته مزعج صحيح بس
كان إيقاعه
ثا
بت ، و سرعته ثابتة...
و عشان كده كان رد فعلهم طبيعي جداً مع أول
تغير في السرعة ، لإن كل حاجة طارت من مكانها...
نقلا عن مدونة
من مذكرات مريض نفسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق